الجمعة، 9 نوفمبر 2012

الانتخابات الامريكية... كم هم كبار وكم نحن صغار




لم اتابع تفاصيل المعركة الانتخابية في الولايات المتحدة الامريكية لاعتقادي الراسخ بأنه و في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني بشكل خاص و السياسية الامريكية في الشرق الاوسط بشكل عام الفارق بين المرشحين يكاد لا يذكر. لكني تابعت باهتمام الاسلوب الذي يعبر فيه كل طرف عن مواقفه و يدافع عنها ، و كذلك الطريقة التي يتم خلالها انتقاد الطرف الاخر.ادركت حينها لماذا هم في اعلى الهرم يحكمون العالم و يتحكمون في مصير الشعوب و نحن في اسفل الدرك فاشلين حتى في الحفاظ على وحدتنا.

تابعت بأهتمام خطاب النصر الذي القاه الرئيس اوباما و الذي تأخر عن موعهده اكثر من ثلاث ساعات ، على الرغم ان كل شيئ كان جاهز و الجمهور ووسائل الاعلام و العالم كله كان في الانتظار الاان اوباما انتظر مكالمة منافسه الخاسر رومني لكي يتصل به يبارك له النصر و يتمنى له النجاح في مهمته.

بدأ اوباما خطابه موجها الشكر الى منافسه على ادارته لمعركة انتخابية نظيفه خالية من التهم و عبارات التخوين و التجريح و الاساءات الشخصية مثل التي نسمعها و نقراءها كل ساعة بل كل لحظه. توجه بالشكر بعد ذلك لزوجته و اسرته و لعائلته الكبيره امريكا حيث قال للجمهور بفضلكم اصبحت رئيس امريكا و بفضلكم فقط اعيد انتخابي مرة اخرى، واعدا بأن يكون رئيسا لكل الشعب الامريكي بكافة اطيافة و الوانه و اصوله العرقية و القومية.

هم في قمة الهرم و نحن في اسفل سافلين لان الُحكم بينهم هو الشعب الذي يعودون اليه كل اربع سنوات بالتمام و الكمال و لا يبحثون عن ذرائع و مبررات للتهرب من هذا الاستحقاق. صحيح نحن لسنا امريكا و لا حتى جزء من و لاية فيها و لكن الحديث هنا عن المفاهيم و تطبيقيها ، عن القيم الديمقراطية و الحضارية و الاخلاقية و ممارستها.

تنافسوا على الانجازات الملموسة التي حققها الرئيس او التي يدعي انه حققها، تحدثوا بلغة الارقام و المعطيات و الحقائق. لم يتحدثوا عن انجازات وهمية او انتصارات سواء كانت عسكرية او دبلوماسية غير موجودة. فندوا ادعاء بعضهم البعض امام سمع وبصر الشعب الذي سيقرر من منهم الذي يستحق ان يحكمه و يقرر مصيرة في الاربع سنوات القادمة.

لم نسمع ان هناك من اتهم خصمه بالعمالة للعدو او التفريط بمصالح امريكا لصالح اعداءها ، لم يشككوا في وطنية بعظهم البعض. ليس لديهم انسان و طني و شريف و مناضل و مخلص للوطن في النهار و في الليل خائن و عميل و قاتل و فاسد و حرامي و مرتشي دون ان يتم تقديم اي دليل على ما يقولون او يتهمون. هم يستطيعون ان يتحدثوا عن كل شيئ و ينتقدوا اي شيئ و لكن وفقا لقواعد اخلاقية و مهنية يحددها القانون.

في امريكا الزعماء لا يستطيعون ان يظللوا الشعب او يستخفون بعقول الناس لان هناك اعلام حر و نزيه و الاهم من ذلك مؤثر، لا يكتفي بالقص و اللصق بل يحقق و يسأل و يعطي اجابات و يفضح اذا لزم الامر. لديهم اعلام لا يكتفي ان يقول المسؤول ان هناك مؤمرة او انقلاب و الكل يطبل و يزمر له، بل يفحص الاعلام دقة الكلام و مدى مصداقيته و ما اذا كان هذا المسؤول او ذاك يستغل موقعه و صلاحياته ام ان الامر حقيقي و بالتاالي يقوم القضاء النزيه و المستقل بدوره في حماية حقوق الناس قبل حماية المسؤول و سلوكه.

امريكا تقهرنا في سياستها الداعمه لاسرائيل، و امريكا تقهرنا مرة اخرى بديمقراطيتها التي تشعرنا كم نحن صغار و كم هم كبار.